الطيب الصديقي  المخرج المتعدد في صناعة الفرجة

  تأليف الدكتور عبد الرحمن بن زيدان

     وإعداد الباحثة وسيلة صابحي

          بقلم: الدكتور عبد الرحمن بن إبراهيم

كانت وجهة الطالبة الباحثة المتخرجة لتوها من المعهد العالي للفن الدرامي والتنشيط الثقافي السير في اتجاه خوض تجربة مسرحية جديدة، أو بالأحرى مغامرة مسرحية جديدة بتعبيرها. في الفعل المسرحي الميداني وجدت الباحثة وسيلة صابحي ضالتها التي حولتها إلى مشروع تلمَّست خطواته الأولى في عالم التمثيل.، وعلى خشبة المسرح كانت الأداة والوسيلة لتأكيد الذات ولتسجيل الحضور.

وقد أخذت الطالبة الباحثة في الاعتبار التحديات التي تقتضي تبصرا وتحمّلا وتجّلدا؛ فكان أن اشتغلت على أكثر من مستوى. فقد ولجت عالم التمثيل في مستوى أوّل لتلتحق بموازاة مع ذلك  بالمدرسة العليا للأساتذة بمكناس لاستكمال الدراسات العليا في تخصص التعليم الفني والتربية الجمالية. وفي مستوى ثالث حرصت على مواظبة تتبع العروض المسرحية كمشاهدة ومتلقية ومتفرجة من عموم المتتبعين، وبذلك اكتسبت وسيلة صابحي صفات الممثلة الساعية إلى التميز والتّفرد في الأداء، والباحثة الشغوفة بالبحث والنبش والتنقيب في مستجدات التنظير المسرحي، والمتتبعة الحريصة على الاحاطة بالمنجز الميداني.

  وككل الباحثين والمنشغلين بالشأن المسرحي وجدت وسيلة صابحي نفسها موزّعة اضطراريا بين المسرح الغربي على مستوى التنظير المسرحي والنص الدرامي، وبين المسرح المغربي على مستوى البحث في المادة التراثية وأشكالها الاحتفالية. وقد أشارت إلى ذلك بقولها: <<صار موضوع التجارب المسرحية الجديدة في المغرب يحتل الصدارة في كل اهتمامي.>>1 وتحوّل البحث النظري والفعل الميداني مختبرا حقيقيا لتجارب مسرحية أفرزت وما تزال حساسيات فنية وتوجهات جديدة في راهنية المنجز المسرحي المغربي. وتتبدى تجليات ذلك في الحضور المتميز للعرض المسرحي المغربي في المهرجانات على امتداد الوطن العربي، واحتلاله للصدارة على مستوى النص الدرامي والإخراج المسرحي؛ كما يسجل البحث النقدي المغربي حضوره الملفت في المكتبة العربية، ومعنا نموذج الدكتور عبد الرحمن بن زيدان الذي ما تزال عطاءاته النقدية تفعل فعلها في الساحة النقدية كما سنأتي التفصيل في ذلك لاحقا.

   ترجع الباحثة  وسيلة صابحي علاقتها بالمسرح المغربي إلى علاقتها وارتباطاتها بمخرجين وكتاب مسرحيين ودراماتورجيين ونقاد ومؤلفين من أمثال عصام اليوسفي ورشيد منتصر وخالد أمين وأسماء هوري وأمين ناسور وفريد الركراكي والراحلة لبنى فيسكي وسارة الرغاي ونورا إسماعيل وأنوار الزهراوي وياسر الترجماني وهاجر الشركي وعبد الرزاق آيت باها ... كما أنها ساهمت في تكوين فرقة للمسرح التجريبي باسم (تراس للفنون)<<هدفها هو التجريب المسرحي والخوض في المواضيع الأكثر جرأة والأقدر على خلخلة بعض الثوابت التي كانت تتحكم في العروض المسرحية السابقة.>>2

   طوال مسيرتها وانشغالها بالتجارب المسرحية المغربية كان اسم الطيب الصديقي حاضرا بقوة باعتباره مؤلفا مجددا ومخرجا مقتدرا وممثلا موهوبا وفنانا تشكيليا ومبدعا أصيلا، وصانع الفرجة بامتياز لا يكاد يضاهيه أحد على الصعيدين المغربي والعربي. <<فهو فنان اختلف حوله المختلفون، واتفق حوله المتفقون، عرفته – والكلام للباحثة وسيلة صابحي- أستاذا عرف كيف يقلب المفاهيم، والتصورات وأساليب الإخراج المسرحي. غير طريقة تعامله مع الفضاءات المسرحية، وغير أسلوب تعامله مع التراث المكتوب والمحكي، وعرف كيف يحاور الريبرتوار المسرحي العالمي، وهو في كل حياته الفنية كان يختار ما يناسب تجربته على مستوى المغامرة الفنية، وعلى مستوى دهشة الفرجة، وعلى مستوى الإبهار الفرجوي بالفرجة،>>3 واختط لنفسه أسلوبا متفردا يرقى إلى درجة التميز في كتابة النص الدرامي وفي الإخراج المسرحي، أسلوب يقوم على الإبهار والإدهاش والإثارة

    ولعل ما يثير في تجربة الطيب الصديقي هو موقف النقد المسرحي المغربي. فقد وقف جل النقاد المسرحيين المغاربة على مسافة معينة منه. وقد عبر عن موفقه بهذا الخصوص بقوله في حوار أجراه الدكتور عبد الرحمن بن زيدان: <<العلاقة بين بعض المبدعين والنقاد تنرفز، ورجل المسرح لا يعيش بدون نقد، هو دائما في حاجة لمن يقرأ إبداعه، ويحكم عليه، بعد التحليل والتفكيك والقراءة المتأنية. والنقد الرديء في نظري - نظر الطيب الصديقي- هو الذي لا يخرج إلى العلن، هو النقد الذي لا يخرج من الصمت؛ لأن الصمت والسكوت على عمل إبداعي هو قتل للإبداع. والنقد الذي لا يكتب في منابر لها مصداقيتها، ويكتب في جريدة أو مجلة لها إشعاعها فإنه يكتب سرا في السر، ويكتب ما هو سري. وهو ما عانيت منه كثيرا كما عانى منه كثير من المبدعين المسرحيين العرب.>>4 لذلك، عاشت تجربة الطيب الصديقي بدون مواكبة نقدية قادرة إدراك أبعادها وضبط مكوناتها وتشريح ألياتها، وهي التجربة التي كان من المتوقع والمفترض أن تثير فضول النقد، وتحرك همة النقاد. وقد تبين للباحثة وسيلة صابحي <<أن مسرح الطيب الصديقي هو مسرح الإشكالات الفنية واللغوية والإيديولوجية والتقليدية،>>5 من هنا انبثقت فكرة في ذهن الباحثة أن تقوم <<بتجميع الدراسات التي كتبها الدكتور عبد الرحمن بن زيدان، وتُجمعها في كتاب يقدم صورة من صور التجربة المسرحية الصديقية، وحقيقتها، ومضامينها، ودلالاتها. كتاب يمكن أن يقدم، أيضا، صورة من صور التجربة النقدية المسرحية في المغرب وهي تضع تجربة الصديقي في الميزان النقدي.>>6

   ويُسجل هنا أن الباحثة وسيلة صابحي اعتمدت  على مؤلفات ومقالات الدكتور عبد الرحمن بن زيدان وعلى مقدمة التي صاغها لمؤلف "مغامرة التأصيل في مسرح الطيب الصديقي للدكتور رشيد بناني الصادر عن إصدارات أمنية – السلسلة المسرحية 34، دار النشر سوماكرام- الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 2015.

<<قد يرحل المثقف، قد يغادر إبداعه، ويهجره، وقد لا يعود ليه بعد أن يكون قد وصل إلى مرحلة اليأس، وعد الجدوى من نتاج يرى أنه لم يعد بقادر على التغلغل في مجتمعه لا سيما بعد نفاذ قدرته على التواصل، أو أن هذا المثقف يغادر الحياة بعد أن يسلم الروح إلى باريها بعد أن يترك تجاربه خلفه ملكا لفعل القراءة النقدية، التقويمية، ولكن الذي يبقى في الرحلتين معا هي آثاره، ونتاجاته، وسيرته الشخصية المكتوبة بتجربته، وبمواقفه، وبصراعاته ومعرفته بكل خلل يراه، ويحس بآثاره عليه، وعلى عالمه.>>7

    بهذا الفقرة الدالة استهل الدكتور عبد الرحمن بن زيدان المقدمة التي خطها تحت عنوان: الطيب الصديقي تعلم كيف يكتب مسرحا فكتب فرجات مسرحية رائدة. ورغم نزوعها التعميمي الذي يمكن أن يسري على أي مثقف حيا حياته ومات موته، فالمقصود بالدلالة هو الفنان المسرحي المغربي الراحل: الطيب الصديقي. <<بهذه العلاقات، وهذا الرحيل يمكن أن نقرأ – والكلام لعبد الرحمن بن زيدان- التجربة المسرحية للصيب الصديقي الذي لم يعش فقط تناقض حياته المتقلبة الأطوار، أو عاش حياة بدون قلق، هواجس، بقدر ما عاش مفارقات الصراعات وهو يريد الدخول بوعي معرفي لتأسيس المسرح العربي بالثقافة المسرحية، اعتمادا على الانفتاح على كل ما يزيد رؤيته بهاء فيكون وجود نتاج سماته التغيير المتنامي للتجربة الكتابية، والاخراجية وذلك بتنامي الرغبة في التجريب المسرحي المجدد، واستدراج التجارب المسرحية الغربية بمسرحها المختلف إلى تحويل هذا التجريب وفق محاولات التأصيل.>>8

   عدَّد الدكتور عبد الرحمن بن زيدان مميزات تجربة الطيب الصديقي التي ترتقي بمسرحه إلى مستوى الفرادة والتميز. فقد أسس مدرسة بالمعنى الذي يراد به التدبير المسرحي بالتسيير الفني، الانضباط الاداري، والصرامة في التأطير، والالتزام في الانجاز. وهو ما أهله ليؤسس حواره مع المدارس الغربية في مجال الإخراج. وكان في كل خطوة يقدم عليها في تعامله مع المسرح الغربي عموما والمسرح الفرنسي على الخصوص يسعى إلى تثقيف الذات، واكتساب المعرفة، واستيعاب التقنيات، وصقل المهارات. <<فكان بالمعرفة المكتسبة يسير نحو توحيد الموروث الذي يراه معرفة تناسب تأسيس الأصالة المبحوث عنها للمسرح العربي.>>9

    ركز الدكتور عبد الرحمن بن زيدان في معرض مقدمته على عنصر المغربة، فقد راكم الطيب الصديقي تجارب عديدة من مختلف المشارب المسرحية الغربية، وحتي الكلاسيكية منها وصولا إلى التراجيديا الإغريقية. وكان في كل تجربة يستحضر هاجس المغربة. وسعى من خلال الاقتباسات إلى مغربة النص الدرامي الغربي لغة ورؤية وموضوعا وتقنيات، وفي المقابل كان الطيب الصديق يتعامل مع المخزون السردي العربي الموروث باعتبار حاجته إلى المسرحة على أساس النص السردي العربي نص فرجوي لا يحتاج إلى نص مكتوب  بناء على قناعته الثابتة التي آمن بها وهي <<الفرجة موجودة في بنيات النص التراثي العربي، وفي شكل وجود شخصياته، ولا يحتاج إلا لمسرحة تجعله نصا مسرحيا قابلا للعرض، ذلك أن الذي ينقصه هو المخرج المسرحي الذي يحرك فيه جمالية الفرجة بإخراج مسرحي يؤكد على وجود تراث فرجوي مكتوب في نصوص تراثية.>>10

   وقف الدكتور عبد الرحمن بن زيدان على محطة أساسية تعتبر الأهم في مسيرة الطيب الصديقي الإبداعية. فقد كان موزعا بين اختيارين أساسيين اثنين: <<اختيار أول كان يقتضي عنده التعامل على تقديم أفكار جريئة استقى دلالاتها من المرجعية الغربية، واراد استنباتها في التجربة المسرحية العربية، وهي التي رافقته طوال تجاربه وإنتاجه المسرحي، فكان يبلورها بكل المغامرات البانية للدهشة، ويترجمها إخراجيا في النصوص التراثية لتحقيق البعد الفرجوي الباذخ في عروضه.>>11 أما الاختيار الثاني فهو كما يتصوره المؤلف <<مسير عند الطيب الصديقي بالجرأة، والإقدام على إعادة هذه الثوابت القائمة على الشكل الفرجوي الباذخ الذي هو منتج القوة الدلالية السياسية والاجتماعية.>>12

   ويرى المؤلف أن كلا الاختيارين كان حاضرا وماثلا في منهج الطيب الصديقي في الإخراج المسرحي، <<منهج يقوم على صياغة أجوبة عملية عن الأسئلة المطروحة حول مناهج الإخراج المسرحي في علاقته بالفرجة  العربية الأصيلة، وعلاقته أيضا بالخصوصية التأسيسية للمسرح العربي الذي يريده أن يكون عربيا بموضوعه، وبلغته، ويكون غربيا بالتقنيات الموظفة في صناعته لتمكين هذا التأسيس من التعالي على كل عزلة تريد إبقائه خارج التواصل.>>13

   حدد الدكتور عبد الرحمن بن زيدان المعادلة التي حكمت مسار الطيب الصديقي في كل تجاربه الإخراجية فيما يلي:

<<أ- وعيه بوجود جمالية خاصة بالتراث العربي بكل تنويعاته كنصوص سردية في

       أرحامها فرجات.

  بـ- أنه يريد المخرج العارف بكل أسرار وتقنيات الكتابة النصية والممسك بأساليب

      الإخراج.

  جـ- تطلعه إلى تحويل هذه النصوص أثناء إنتاجها إلى فرجة شعبية تراهن على تأصيل

      المسرح الشعبي المغربي.>>14

لقد صاغ الطيب الصديقي أسئلته التي مهدت لتصوراته الإخراجية، وساهمت في رسم معالم رؤيته للإخراج المسرحي، انطلاقا من قناعتين:

  • <<قناعة أولى مؤداها أن المسرح العربي لا يمكنه أن يخلق دهشته الجميلة في غياب التقانة التي تساعده على إبراز المظاهر الفرجوية الشعبية في الفرجة الأصيلة.

بـ- قناعة ثانية تتبدى في أن المعرفة بهذه التقانة وتوظيفها توظيفا سليما لا يمكنه أن يحدث إخلالا بأصالة الفرجة وهو يؤسس هويتها إلا اعتمادا على النص المسرحي سواء كان هذا النص تراثيا، أو كان مكتوبا برؤية معاصرة ليكون شكله الفرجوي سليل التصور الحقيقي للإخراج المسرحي الطقسي.>>15

غير أن أسئلة أخرى ظلت عالقة على مدار التفكير ، ومثلت هاجسا قائما لدى الطيب الصديقي صاغها المؤلف على الشكل التالي:

   <<أ- كيف يمكن أن يكون المصدر الغربي المتنوع عاملا مساعدا على الدفع بالمسرح العربي إلى أن يغادر كل انغلاقية تكرس التقليد؟.

   بـ- كيف يمكن الابتعاد عن كل انبهار بالتقنيات واعتبارها وسيلة لنقل جمالية النص التراثي المكتوب بشاعريته الخاصة إلى جمالية الفرجة المكتوبة ببلاغة الإخراج وإبداع النص إخراجا.؟

 جـ- كيف يمكن لهذا المصدر الغربي ، أي أدوات الإنتاج أن يُمكِّن عمليا الإنتاج المسرحي العربي من إنتاج فرجات أصيلة.؟

  د- كيف تصير مناهج الإخراج المسرحي عوامل مساعدة على نفض الغبار على التراث المنسي، وتستطيع أن تبعث الحياة في الكلام المكتوب، وتحرك السرد الجامد ليصير فرجة حية بحياة المجال الذي يحتضنها.؟ >>16

في خاتمة مقدمته، لخص الدكتور عبد الرحمن بن زيدان أصول المرجعية الإخراجية لدى الطيب الصديقي في العناصر التالية:

<<أ- القدرة الناجحة على صناعة الفرجة بالشكل الذي يبهر، ويدهش، ويثير.

بـ- القدرة على تطويع النصوص السردية العربية إلى منهجه في الإخراج، بدءً من "مقامات بديع الزمان الهمذاني"، إلى "رسالة الغفران " التي مسرح فصولها الكاتب التونسي عز الدين المدني، إلى أبي حيان التوحيدي في "الإمتاع والمؤانسة"، إلى "ألف حكاية وحكاية في سوق عكاظ" للدكتور وليد سيف، إلى "ديوان سيدي عبد الرحمن المجذوب".

جـ- القدرة على تطويع النصوص التراثية الشعرية والنثرية والحكايات الشعبية المغربية إلى فرجة شعبية، تخاطب الذاكرة الشعبية بتراثها الشعبي. وهذا ما حققه أثناء تعامله مع فنون الملحون في مسرحية "الحراز" سنة 1970، و"النور والديجور" لعبد السلام الشرايبي.

دـ التبني الواعي لبعض المظاهر المسرحية المغربية في بناء الفرجة لا سيما الحلقة في "ديوان سيدي عبد الرحمن المجذوب" سنة 1967، والراوي/الحكواتي/الحلايقي، والبساط. وهو ما كان نموذجه في: "جنان الشيبة"، "ولو كانت فولة"، و"قفطان الحب المرصع بالهوى"، و"السحور عند المسلمين والنصارى واليهود"، و"الفيل والسراويل"، ومسرحية "سلطان الطلبة" تأليف عبد الصمد الكنفاوي.

هـ- جرأة الطيب الصديقي تتبدى في مواقفه من بعض ما يسود المجتمع من مظاهر سلبية كالفكر الخرافي، والفوارق الاجتماعية، وهدم المؤسسات الثقافية. وقد اعتبرت الكثير من مسرحياته نقدا لاذعا لبعض الوقائع الظواهر السائدة في الأوساط الاجتماعية. ومن نماذج هذه المسرحيات:

<<أ- مسرحية "الأكباش يتمرنون" وهي قائمة على فكرة جريئة وضعها الطيب الصديقي كفكرة، وصاغ النص وحواراته أحمد الطيب العلج سن 1961، وعرضت مرة واحدة في الجزائر، لم تقدم في المغرب لأن طروحاتها السياسية الجريئة والنقد السياسي المباشر للتسلط ومصادرة حرية المواطن، وديكتاتورية الحكم كان سببا في منعها.

بـ- مسرحية "سيدي ياسين في الطريق"، وفيها نقد للكر الخرافي الذي يجعل المواطن يحتكم إلى الخرافة لتبرير ما يحدث في المجتمع، وهو النص المسرحي الذي تحوّل فيما بعد إلى فيلم يحمل عنوان: "الزّفت".

جـ- مسرحية "ليلة هدم المسرح" سنة 2002، وفي هذا النص يتساءل الطيب الصديقي عن الأسباب والخلفيات السياسية التي أصدرت قرار هدم المسرح البلدي في الدار البيضاء بعد أن عرف أبهى فصول الحياة الثقافية والفنية مع الوجود الفرنسي... وعرف حيويته يوم أخذ الصديقي مسؤولية تسييره ابتداء 1965.

د- مسرحيات  حول تاريخ المدينة أبرز فيها الطيب الصديقي الفترات المضيئة من حياة المغرب. وقدم في هذه التجربة مسرحية "مدينة النحاس"، وهي عمل شعري من تأليف محمد السعيد الصديقي، ثم مسرحية "تاريخ مدينة" أو "مولاي إسماعيل" التي قدمت في ساحة الهديم في مكناس سنة 1980، ومسرحية "الصويرة" عام 1981.>>17

   تساءل الدكتور عبد الرحمن بن زيدان في منتهى مقدمته عن مدى نجاح الطيب الصديقي في التوفيق بين منجزه المسرحي، وبين موقفه السياسية باعتبارها مكونا أساسيا من مكونات رؤيته الفنية بخلفيتها الفكرية والايديولوجية.؟ وتساءل أيضا عن مدى نجاح الطيب الصديقي في تحقيق ما كان يسعى إليه من تفاهم مع الذات، ومع منجزه، ومع مغربه، ومع مرجعياته الغربية، مع مواقفه السياسية.؟

   وفي تصور الدكتور عبد الرحمن بن زيدان فإعادة تقديم منجزه النقدي حول تجربة الطيب الصديقي ستسلط أضواء على تجربة الطيب الصديقي باعتباره مخرجا ومؤلفا وصانع فرجة. وأرى من جهتي أن تجميع مقالات نقدية نشرت في منابر مغربية وعربية على مدى فترات متباعدة ستسلط الضوء أيضا على تجربة نقدية استطاعت أن تحافظ على تواترها المنتظم في تتبع وتوثيق تجربة واحد من أبرز رواد المسرح المغربي والعربي. وحين أتحدث عن التتبع فإن الأمر يتعلق بناقد حاضر باستمرار في المهرجانات المسرحية المغربية والعربية. وحين أشير إلى التوثيق فالذي أعرفه عن الدكتور عبد الرحمن بن زيدان أنه ذو قلم سيال، وذو تراكم نقدي معتبر في الساحة النقدية المغربية والعربية على السواء. ومن ثمة، فما أنجزته الباحثة المجتهدة وسيلة صابحي يستحق التقدير والتنويه والتشجيع. وهي خطوة جريئة وذكية بلا شك، والآمال معقودة أن ينبري من آنس في نفسه القدرة على  تجميع كل النصوص المسرحية، والغير المنشورة على الخصوص للراحل الطيب الصديقي، أو تلك التي نشرت في منابر لم تعد في المتناول.  

                                     

  • عبد الرحمن بن زيدان، الطيب الصديقي المخرج المتعدد في صناعة الفرجة، دار النشر برنت شوب- مكناس، ط1- 2016
  • نفسه، ص3
  • نفسه، ص3-4
  • نفسه، ص9
  • نفسه، ص4
  • نفسه، ص6
  • نفسه، ص7
  • نفسه، ص8
  • نفسه، ص10
  • نفسه، ص 9
  • نفسه، ص10
  • نفسه، ص10
  • نفسه، ص11
  • نفسه، ص11
  • نفسه، ص12
  • نفسه، ص15-16

 

 العلم الثقافي - الخميس 8 رمضان 1439 الموافق 24 من ماي 2018

 

Loading...