- المسرح الثالث : الخلفية المعرفية والمرجعية الثقافية
بقلم: الدكتور عبد الرحمن بن إبراهيم
إن المسرح الثالث لا يقدم نفسه كنظرية أو مشروع نظرية مثلما هو الأمر بالنسبة للاحتفالية، ولا يطرح تصوره للممارسة المسرحية كبديل للاتجاهات المسرحية القائمة. ومن ثمة، فهو لا يتخذ مواقف واضحة تجاه التجارب المسرحية السائدة مغربية كانت آو عربية آو عالمية.
وهذا ما يدعو إلى التساؤل عن ماهية الدوافع المعرفية والدواعي الفنية التي اقتضت ضرورة وجود ممارسة درامية تنعت بـ " المسرح الثالث" ؟ !
ومعلوم ان ظهور التيارات والمذاهب الفنية والمعرفية، تستوجبها شروط تاريخية. باعتبارها حاجة اجتماعية، تقتضيها صيرورة الحياة ومنطق التحول، وأن الإبداعات الإنسانية لا يمكن أن تكتسب صفتها الإبداعية ومشروعيتها التاريخية، إلا إذا قدمت نفسها كضرورة إنسانية. وكبديل يتخطى ما هو سائد ويتجاوز ما أصبح مكرسا.
ولعل ما يزيد في غموض ما يعرف باتجاه المسرح الثالث، كونه اتخذ موقفا ملتبسا تجاه التجارب المسرحية الحداثية المغربية المعاصرة : الاحتفالية، النقد والشهادة ! . كما انه لم يجتهد في الكشف عن أرضيته النظرية ورؤاه الفلسفية، وتصوراته لممارسة الفعل المسرحي. وحتى البيان المقتضب** الذي لا يتعدى الأربع صفحات، لا يحدد بشكل واضح المرجعية الثقافية التي يستند إليها في تشكيل مفهوم اللعب الدرامي.
غير ان الملاحظة الجديرة بالوقوف عندها تتمثل في تبني المسرح الثالث لثالوثين : ثالوث فكري / معرفي : التاريخ / الزمان / المكان. وثالوث فني / تقني : العين / الأداة / الروح.
- الثالوث الفكري / المعرفي : التاريخ / الزمان / المكان.
أ-1- التاريخ (ذاكرة الحدث الدرامي)
يرى المسرح الثالث، << أن التاريخ حركة حسية يمكن استعارتها وتشخيصها مرة أخرى بناء على الموقف من الآخر>>[1]. أي أن التاريخ في مفهوم المسرح الثالث يعتبر الماضي مادة قابلة للاستثمار الإيديولوجي للتعبير عن قضايا ومشاكل الحاضر. وبمعنى آخر فالتاريخ كأحداث وقائع جرت في الماضي، يستحضر إلى اللحظة الزمنية الراهنة ليقرأ قراءة إيديولوجية / سياسية على ضوء الشروط التاريخية والمتطلبات الاجتماعية لتعرية الواقع وفضح ما خفي فيه. << فاستقراء التاريخ في المسرح الثالث، استقراء ينبني على قناعات إيديولوجية مرحلية>>[2].
بهذا المعنى، فالتاريخ يصبح حاضرا بديلا، ويمثل تحديا للحاضر المكرس، أي أن الوظيفة الدرامية للحداثة التاريخية في مفهوم الممارسة المسرحية، تتحدد أساسا في خلخلة الواقع، وفي توعية المتلقي، وفي تأجيج الصراع. إن المسرح الثالث ينفي عن نفسه سكونية التعامل مع أحداث الماضي. فالتاريخ لا يكتسب قيمته التاريخية ويمتلك مشروعيته الاجتماعية إلا عندما يقدم كمادة معرفية ؛ تلبي حاجة الإنسان المغربي العربي، في لحظته الراهنة. فالتاريخ بهذا المنظور هو << الحاضر لكن على أساس التحدي القائم في إطار قناعات جماهيرية>>[3].
- 2 – الزمـان (الآن) :
يمثل الزمان في المسرح الثالث العنصر الأكثر أهمية. فبالإضافة إلى ارتباطه عضويا بالمكان، فإن الوعي باللحظة الزمانية لا يكتمل إلا إذا توازى مع الوعي بالخصوصيات الاجتماعية (المكانية. وهذه العلاقة الجدلية التقاطعية للزمان والمكان هي التي تحدد درجة الوعي بحركة التاريخ لدى الإنسان المغربي/العربي، التي ستمكنه من معرفة موقعه ومدى مساهمته في صنع تاريخه. << إن الزمان في المسرح الثالث هو مقياس ومعيار لمعرفة موقف المسرح المغربي / العربي من وجود الآخرين. حيث ينفعل ويتفاعل وينفي هذا الانفعال والتفاعل كلما وجد نفسه أمام الضد ؛ والذي ينفي عنه حركته في الزمان والمكان>>[4].
- 3 - المــكان (الهنا)
المراد بالمكان، هو المكان المغربي /العربي / الإسلامي، في دلالته الإنسانية، وأبعاده الكونية. لأن هذا المكان، جزء من مكان أشمل وأعم، هو المكان الإنساني. مما يقتضي << حدا أدنى للفهم والتعاون والتفاعل على صعيد الوجود الإنساني >>[5].
ويسجل على هذه الركائز الثلاثة، أنها متداخلة لدرجة يصعب التعامل مع واحدة دون غيرها، فمن غير الممكن الحديث عن الزمان مفصولا عن المكان، كما يصعب تناول التاريخ مجردت من الزمان والمكان. وعندما نقول التاريخ، فإننا نشير إلى الإنسان في الزمان والمكان. فهو - أي الإنسان- يرتبط بعلاقة جدلية مع التاريخ. على أساس أن هذا الأخير من صنع الإنسان الذي يخضع بدوره لتأثير وفعل التاريخ فيه، ذلكما الفعل والتأثير اللذان يجعلان الإنسان قادرا على تحريك وعيه وتعميق نظرته للواقع، اعتمادا على التاريخ باعتباره أحداثا سابقة (تراث). كما يسجل أيضا ان المسرح الثالث، يتقاسم مع الإحتفالية ثنائية الزمان والمكان (الآن – هنا )، ولو ان مفهومهما لديه ذو دلالة سياسية / إيديولوجية.
- الثالوث الفني / التقني : المعين : الأداة / الروح :
إذا كان الثالوث الفكري /المعرفي باعتباره مضمونا أدبيا يسعى إلى تطوير الكتابة الدرامية، في اتجاه التأسيس للغة تجريية بديلة ذات حمولة إيديولوجية /سياسية أقوى، فإنه على المستوى العلمي / التطبيقي يقترح << لغة تقنية مرتبطة ودافعة ومحركة في قلب المسرح الثالث، وهذه الرؤية التقنية تسمى بالمسرح الفقير>>[6].
(ومعلوم أن هذه التقنية المعرفة بالمسرح الفقير تعود أصلا إلى المخرج التجريبي "جيرجي جروتوفسكي – JERZY GROTOWSKI" الذي أنشأ "مختبرا مسرحيا – THEATRE- LABORAROIRE" سنة 1959 في مدينة "أوبول – OPOLE" البولونية. وقد اتجه هذا المختبر المسرحي إلى << البحث في مجال فن المسرح وفي فن الممثل على وجه التحديد>>[7].
وفي تصور المسرح الثالث، فإن الافتقار إلى التقنيات الكهربائية والإلكترونية يمكن أن تعوض بما هو أقدر على التبليغ. وأقوى في التأثير من خلال << الغوص في روحانية العرض المسرحي>> [8] ؛ وهي الفكرة ذاتها التي عبر عنها جروتوفسكي بقوله : << ليسمهما كم يصرف المصرف، وكيف يستغل المساهمات الميكانيكية، لأنه سيبقى تكنولوجيا أقلمن الفيلم ومن التلفزة، وكنتيجة لذلك أفضل الفقر في المسرح>> [9]. وفي تصور جروتوفسكي، أن الفقر في المسرح هو المدخل في أفق البحث عن خصوصية الفن المسرحي قياسا إلى الأنصاف الفرجوية الأخرى. وهي الغاية التي يمكن بلوغها اعتمادا على << التقنية الشخصية للممثل التي هي جوهر الفن المسرحي>> [10].
وجدير بالإشارة أن المسرح الثالث في الثوثة التقني (العين / الأداة/ الروح) يتبنى تقنية المسرح الفقير بحذافرها كما عرفت لدى جروتوفسكي. وهي تقنية تسعى إلى الجمع بين المتفرج / العين والممثل/ الروح واللغات المسرحية : الأداة.
ووظيفة هذا الثالوث تبلغ العمل الدرامي ؛ وجعل طرفي العملية المسرحية (الممثل – المتفرج) مساهمين عمليا في صنع الحدث اعتمادا على العناصر التقنية الآتية :
ب- 1 - تجاوز دور المؤلف والمخرج لأن كلا منهما عبر بلغته الخاصة عن فكرة النص<< فالمؤلف أرخ بأبجدية اللغة>>[11]. والمخرج ترجم النص اللغوي / الكلامي إلى لغته المرئية / السمعية. ويبقى للممثل أن يجسد النص إلى لغة جسدية/ حركية /إيمائية.
ب-2- << رفض الديكورات الفخمة واللوحات التشكيلية الخلفية الثابتة لأنها تحول الممثل إلى مجرد ملحقة>> [12].
ب- 3 – جواز استعمال كل التقنيات المسرحية المعروفة في مختلف التجارب المسرحية المعروفة، بصرف النظر عن مصادرها ؛ على اعتبار أن اللغة / اللغات المسرحية واحدة. ومن غير السليم القول بأن هذه أصيلة وتلك دخيلة لكن المهم هل أدت دورها الدلالي في المشهد / المشاهد التي وظفت فيها.
ب- 4 – ضرورة مراعاة مدى ملاءمة التقنيات المسرحية لطبيعة المضامين ذات الخصوصية المغربية / العربية/ الإسلامية، في بعديها الزماني والمكاني، ومطاوعتها للمنظور الإيديولوجي/ السياسي.
وإذا كانت النزعة التجريبية واضحة المعالم – على الأقل نظريا – في مفهوم الكتابة الدرامية وصياغة الفرجة المسرحية من خلال التأكيد أكثر على دور الممثل /الجسد، وعلى فكرة الخروج عن ضوابط نصي المؤلف والمخرج، فإننا نملك مشروعية التساؤل الآتي :
أين تتمثل خصوصية المسرح الثالث، وفرادة تجربته اللتان تميزه عن باقي الاتجاهات التجريبية لضبط نسبة الحداثة المسرحية، ومدى أصالة هذه التجربة.
2- الحضور التاريخي في الواقعية الدرامية :
يتكون النص الدرامي << البحث عن رجل يحمل عينين فقط >> من مجموعة نصوص / مشاهد أسماها المؤلف :وحداث. وتتوزع على نصين رئيسيين، وكل نص يكاد يقوم مقام الفصل، ينعته المؤلف : بابة. وتندرج البابتان في نص جامع، يمثل مجموعة النص الدرامي.
ويلاحظ أن النص يضع متلقيه (قارئا أو مشاهدا) أمام ضرورة ممارسة دوره في العملية الدرامية : المشاركة في الفعل / البحث عن السؤال / الأسئلة التي تطرحه صيغته العنوان : البحث عن رجل يحمل عينين فقط. أي أن البحث سوف يقتصر على شخص واحد، ينفرد بكونه ذا عينين. مما يوحي بان هناك من يحمل عينا واحدة. وربما هناك ذوو ثلاثة عيون أو أكثر. وأن الباحث / الباحثين عنه، لا بد أن يكونوا من هؤلاء.
بهذا المعنى، فإن صيغة السؤال / العنوان، تمثل أساس الفعل الدرامي وبؤرة الحدث المسرحي. وهو ما يعني أن مسار الحبكة المسرحية، يبدو واضحا منذ البداية. إذ سوف يتصاعد في اتجاه التمكن من ذي العينين. وإذا كانت الحبكة المسرحية الكلاسيكية تقتضي تطور الأحداث في اتجاه التصعيد والتأزيم لكي تأخذ في الإنحدار نحو الحل، فإن الكتابة الدرامية الحداثية لا تتقيد بمسار واحد، إذ أن كل نص يبحث لنفسه عن تمييز، وهو التمييز الذي يستوجب بالضرورة ولوج حقول التجريب، في أفق البحث عن صيغة غير معلومة سلفا.
على مستوى ثان، هناك إشارة مقصودة لابد أن تستوقف القارئ للنص الدرامي على الخصوص وهي العبارة الواردة في الكتاب :
المسرح السياسي : وزيادة. مما يوحي بان الإيديولوجيا حاضرة بقوة في النص. وهو حضور مشروع له مبرراته الاجتماعية ودواعيه الفنية لأن الإبداعات الإنسانية أيا كان جنسها أو شكلها الفني، تعكس مواقفا / مواقف إيديولوجية بالضرورة بوعي أصابها أو بدونه.
وحينما يتعلق الأمر بالفن المسرحي ذي الأداء الجماعي والطبيعة الجماهيرية، فإن العلاقة بما هو سياسي تكون أشد وأقوى. فالكتابة الحداثية هي التي تكون شاهدة على عصرها ومسجلة لوقائع زمانها، ووثيقة إبداعية لحال الإنسان في صراعه ومعاناته.
ويبقى السؤال : هل العلاقة بين المسرح والسياسة. قادرة على طرح الأسئلة الملحة، وعلى صياغة الأجوبة المناسبة التي تتطلبها المرحلة، وتقتضيها شروط التحولات التاريخية ؟ !
تمثل الخامات التاريخية بالنسبة للمسرح الحداثي المغربي والعربي على السواء، حقلا خصبا للكتابة التجريبية الباحثة عن خصوصية إبداعية. وفي هذا الإطار يندرج نص : البحث عن رجل يحمل عينين فقط " الذي يستحضر التاريخ باعتباره حركة حية قابلة للاستثمار الفني، انطلاقا من رؤية إيديولوجية، يتم بموجبها إعادة صياغته صياغة بلغة مأساوية.
إننا إزاء نص تراثي ذي طبيعة حوارية يراعي شروط الكتابة الدرامية الحديثة التي تضع في الاعتبار الأول إعادة كتابة التاريخ، وفق ما تمليه ضرورات الواقع وحاجاته الراهنة. وقد نجح المؤلف في إسقاط الحاضر على الماضي من خلال مشاكله المعاشة وتحدياته الماثلة : الحصار المضروب على الوطن العربي وانتهاك حرماته والمساس بمقدساته في قالب مسرحي عريق : خيال الظل << الذي يعتبر من أقدم الأشكال الفرجوية التراثية ؛ إذ يعود إلى القرن الثالث عشر الميلادي. ومؤلفها محمد بن دنيال الطيب المصري 1249-1311 الذي كتب مسرحيات كتبت بالشعر والنثر المسجوع. ولعل هذه المسرحيان هي التراث الوحيد المأثور في الأدب العربي القديم في فن المسرح>> [13] . أولى هذه المسرحيات هو طيف الخيال، وهي عبارة عن قصة حب، انتهت بجندي إلى الزواج من امرأة ذميمة. والثانية هي عجيب وغريب. وهي حكاية شخصين صعلوكين شحاذين، يجسدان مظاهر الحياة الاجتماعية الشعبية العربية. أما الثالثة فهي قصة حب يتداخل فيها الواقع مع الخيال الأسطوري.
وقد استلهم المؤلف في هذا النص الدرامي طريقة محمد شمس الدين بن دنيال، ومن شخصياته المسرحية التي احتفظ بأسمائها كما وردت في المسرحيات الثلاث.
ومن حيث قابلية للعرض المسرحي، فمن الجائز الحديث عن "خاصية التمسرح" لوجود ما يمكن أن نعتبره – تجاوزا- مخرجا مسرحيا (محرك الدمى)، وممثلين (الناطقين بأصوات الدمى المتحركة). فالحكايات الشعبية في مسرح خيال الظل تكتب كتابة مسرحية تراعي شروط الفرجة الجمالية لأنها << تعتمد على تسليط الظلال على شاشة تظهر الأشكال أمام المشاهدين>> [14] . وهذه الأشكال المتحركة عبارة عن كركوزة : كراكيز، ومعلوم أن هذه التسمية ليست سوى الإسم المؤترك (نسبة على الترك) للتسمية العربية قرقوش / قراقوش. <<
فالأتراك استعاروا بعض الأسماء المصرية واستخدموها لبعض شخوصهم. ومن بينها اسم كركوز الذي حرفه الأتراك قليلا ليعني العين السواء>> [15]. ويبدو أن المؤلف تعمد ان يترك البابتين مفتوحتين تماما مثلما ترك البابة الثالثة مفتوحة. معتبرا انها << بداية الفعل>> [16]. مراعاة لدور المتلقي في تلقي الأحداث انطلاقا من موقعه الاجتماعي وتكوينه السياسي ووعيه الإيديولوجي. ويلاحظ كذلك أن المؤلف لم يعنون بابته.
غير أن الشخصيات المسرحية توحي بان الأمر يتعلق بطيف الخيال في البابة الأولى وعجيب وغريب في البابة الثانية، أما البابة الثالثة فالمعروف أنها دعوى إلى المواجهة والحسم.
3- التوظيف الإيديولوجي للمادة التراثية :
يتأسس النص " البحث عن رجل يحمل عينين فقط" على بابتين.
البابة الأولى : وتتكون من ست وحدات ( ص : 13 إلى ص :40).
البابة الثانية : وتتكون من سبع وحدات (ص :41 إلى ص : 76). ومشروع البابة الثالثة مفتوحة على أفق الفعل مع ترك أمر إتمام كتابتها للقارئ/المشاهد.
ويتلخص مضمون الواحدة الأولى من البابة الأولى في استعراض مظاهر الاضمحلال والتخريب الذي لحق ببغداد التي تمثل رمزا عربيا قوميا وتاريخيا، بسبب تقاعس أهلها وخذلان أولياء أمرها. مما سيحمل ابن دنيال (المبدع المخايل) الذي يمثل ضمير الأمة على الإنزواء بعيدا، كتعبير عن إبائه وعدم انخراطه في تكريس مسلسل التآمر << لا مكان لي في عيونهم وعقولهم>> [17]. وتخيله عن مهنته التي تتمثل في الطبابة وكحل العيون في جيش صلاح الدين الأيوبي :
<< طيف الخيال : وتنسى أنك الحكيم تكحل عيون الناس.. تبعد عنهم ظلام
الغربة والصمت والعدوى !!
ابن دنيـال : سئمت مهنة الحكيم العارف .. وفعل الحكال.. كل العيون
مرمدة.. لا ترى خارج أشفارها غير السراب.. عيون
تبهرها المساحيق.. وتنسى أنها تحمل وجها ممسوخا>> [18]. وفي الوحدة الثانية تؤكد الوقائع ان التاريخ يعيد نفسه << العبرة جسر الماضي الحاضر>>. وبغداد / الرمز، تتعرض للغزو الخارجي، نتيجة التجربة والانعزالية والصراعات الجانبية والنزاعات الإقليمية الضيقة :
<< طغر لبك : أتيت بغداد الخلافة غازيا بعدما أغراني صراكم الطويل
ولياليكم الطويلة>> [19].
ويتحول الوطن العربي في الوحدة الثالثة إلى رقعة شطرنج، بسبب انشاقات مما أغرى هولاكو على غزوها :
<< هولاكو : انأ هولاكو الملقب بموشي ديان.. أتناسخ في القوى
والأدهي.. وأريد هذه الأرض مسلوخة الجدران والقباب
منتوفة الريش>> [20].
أما الوحدة الرابعة تمثل الكراكيز ادوارا تتحدى إرادة ابن دنيال المؤلف / المخايل الذي يجسد طموح الأمة وسعيها نحو العزة والغلبة. وتقصيه مطرودا من المسرح ومن جمهوره.
<< ط . الخيال : لماذا أقاموا يا معلمنا حدودا رادعة .. طردوك من
المسرح .. حرموك من جمهورك ؟ !>>[21].
ويعود هولاكو الذي يقدم نفسه على أنه موشي ديان الذي دخل فلسطين بدون مقاومة من أهلها. ويبقى ابن دنيال مهمشا في هذه الوحدة مشهما في هذه الوحدة الخامسة كما ظل في الوحدة السابعة:
<< هولاكو : قل لصاحبك المخايل .. رقعة الشطرنج تتسع، وانا الرابح
اذهب>> [22].
<< ط . الخيال : أرجوك يا سيدي لا تتركني لعبة فارغة .. أريد أن
أشخص شيئا مثمرا كالسنبلة.. جارفا كالسيل.. ومزمجرا
كالبركان .. حتى يتبدل وجه الأرض.
ابن دنيال : هي مواضع مرفوضة.. تمنعها الرقابة في المسرح، وحتى المحاضرات والندوات، وصاحبها ملعون زنديق>>[23] .
غير أن الكراكيز تتمر رافضة موقف المبدع / المخايل المتحفظ :
<< ميمون القراد :(صائحا) يا كراكيز العالم مزقي الستارة، وأعلني
الإثارة، لا ضوء إلا ضوء الشمس>> [24].
وهذا الموقف الأخير للكراكيز، يكشف أن السياق الدرامي للحبكة المسرحية قد تعرض للتفجير من الداخل. إذ أصبحت كل شخصية مسرحية تختار الدور الذي ترغب فيه بدون إذن المؤلف/ المخايل :
<< الكراكيز منسلة من عمق الصندوق : نحن الكراكيز الخيالية ... عشنا زمنا ضائعا في الصمت .. عشنا بلا لسان، هذا زمن الفعل.. الصمت إدانة، الصمت جبن.. الصمت مقبرة الواقفين، هذا زمن الفعل.. زمن الرافضي.>> [25] .
وفي النهاية يتضح لنا سبب عزوف المخايل عن الاشتراك في تسخير الأدوار لأن الكراكيز تحمل عينا واحدة :
<< الكراكيز : كحل عيونهم يا معلمنا .. اكتب أدوارنا الجديدة. إفتح الستارة .. وأعلن الإشارة.
ابن دنيال : لا .. لا .. لا .. لا استطيع ان أخاطب من يحمل عينا واحدة !؟!>> [26].
أما في البابة الثانية، فإن الفعل الدرامي يعرف تكثيفا يتجلى في شنق كلمن ثبت في حقهم إدانة أو تهمة << خصوصا من يحمل أكثر من عين واحدة خلافا للحاكم موشي ديان>> [27]. بينما وقف ابن دنيال شاهدا على الواقع المرير، وعاجزا عن القيام بأي رد فعل.
وفي الوحدة الثانية يذكر هولاكو بالنبوءة القائلة بخرابه وسوء طالع مستقبله، << وأن جسده عاقر وطفله القادم بلا عيون... >> [28]، على الرغم من سطوته التي سادت وأرهبت الآخرين. ويزداد تحفظ المخايل في الوحدة الثالثة تجاه ما يقوم به شيخ الدراويش من أدوار مشبوهة ومثيرة للريبة ؛ وإصراره على الرفض والفضح. وهو الموقف الذي حرك وعي الدراويش الذين انحازوا إلى جانب الكاتب / المخايل، بعد أن صرح بان << الحقيقة هي كحل العيون>> [29]. وكأن ابن دنيال يريد أن يعود ثانية إلى مهنته الأصل : كحل العيون وإزالة الغشاوة عنها.
ويتضح في الوحدة الرابعة أنه على الرغم من توفر الإمكانات والوسائل، فإن عملاء الداخل والمتاجرين بعرض الوطن والأمة، يفشلون في تعبئة الجماهير اعتمادا على تكريس الوعي الزائف والفكر الظلامي :
<< شيخ الدراويش : كان سلاحي عمامتي ولحيتي وعكازي (ضاحكا).. أنظر هذه الأسلحة المهرجين يا كبير التجار.. لم يعد تغري الكبار والصغار>> [30].
وفي الوحدة الخامسة، تزداد معاناة أزمة الضمير لدى ابن دنيال :
<< آه ماذا أقول، وأنا الذي تخليت عن كراكيزي>> [31]. كما يطالب ضيف الخيال ابن دنيال بضرورة << كحل العيون المرمد.>> [32]. فالدراويش جاهزون للتضحية والفداء في سبيل كرامة الوطن، واستعادة كبرياء الأمة ؛ وهو ما سوف يشجع ابن دنيال على تجاوز تحفظاته وتلبية النداء.
<< ها أنا أجرب فعل الكلمة...>> [33].
وينتهي – عمليا - الحدث الدرامي بمحاكمة ابن دنيال وهو الذي صرح << بأن ذنبه أنه يجمل عينين فقط ؟...>> [34]. وأنه << لن يصمت>>[35]. ،وتأكيده على أن << البابة الثالثة بداية الفعل. >> [36] .
اما في الوحدة السابعة، فيمكن اعتباره فعلا / حدثا مكملا لحدث / أحداث النص الدرامي / العرض المسرحي ؛ لأن ممارسته من المفترض أن تتم في الواقع المادي وليس في الواقع الفني الدرامي الذي تمثله خشبة المسرح :
<< ط . الخيال : ... أيها الناس حركوا كراكيزكم المقبلة شملا ويمينا من أجل أن يتحرك الوطن.. وأشجار الوطن.. وطرق الوطن.. حجر الوطن.. بحر الوطن>> [37].
إن مشاهد المسرحية التي تم تشخيصها من طرف الأطراف الثلاثة الفاعلة والمؤثرة في الحدث المسرحي : ابن دنيال (المؤلف/ المخايل)، وطيف الخيال (الراوي والمحرك للفعل المسرحي)، والكراكيز (المشخصة للحدث / الأحداث المسرحية، ليست في واقع الأمر إلا استعراضا للمأساة العربية عبر التاريخ الطويل :
<< ابن دنيال : منذ ألف عام وخيمة الرمل ما تزال تحمل في رحمها البنت الموءودة قبل الفجر، وها أنا امثل دور الخادع والمخدوع>> [38]. ومحاكمة سياسية / إيديولوجية للواقع العربي الراهن (هنا) ؛ في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة التي تشهد كيف أن المآسي العربية تكرر نفسها : دمار بغداد على يد هولاكو (قديما) – حصار العراق راهنا (الآن) من هنا يصبح الماضي (التاريخ) متحركا ومساعدا على فهم ما يجري في الحاضر الحدث باعتباره مضمونا، أي جملة أفكار وتصورات ودلالات
وحين يؤكد المؤلف المسكيني الصغير أن المسرح سياسي، فإنه لا يكتفي بمحاكمة التاريخ العربي ؛ بل يضع الإبداعات الفنية موضع المساءلة ويتساءل عن ماهية الوظيفة الاجتماعية والسياسية والإيديولوجية للممارسة المسرحية ! ؟
<< ميمون القراد : تقدمي يا امرأة، اعلني مظلمتك أمام الملأ .. نحن العدل نثأر لك من المظالم..ونقتص منه.
ط . الخيال : زوجي يا سيدي القاضي يخونني مع المسرح في الليل والنهار.
م . القـراد : اخجلي يا امرأة .. هذي لغتك.. واضبطي مخارج الحروف.. أنت أمام قاضي المدينة، المرشح في الدورة القادمة ليصبح قاضي القضاة.. ما ذا تقولين ! ؟ المسرح ليس اسم انثى ولا ينطبق معناه على شكل امرأة.. في قدك وجمالك.. نعم .. اضبطي مخارج الحروف.. فالمسرح إسم مذكر ممنوع من الصرف ... فهو في هذه الحالة لن يصبح ضرتك !! نعم.. تريدين ان تقولي إن زوجك المسرف الخائن يستأنس بغلام اسمه المسرح يناديه ليلا ونهارا !
ط. الخيال : أقصد يا سيدي القاضي.. زوجي يخونني مع المسرحيات في فنذق وسط المدينة اسمه المسرح.
ميمون القراد : الآن فهمت.. نعم .. وصلتني أخبار هذا الفندق الغريب والزندقة الملعونة لا أبقاه الله.. هناك يفتضون دون حشمة وخجل ووقار بكارة الحقيقة .. (صمت) إنني أستغرب كيف سمحتك نفسك من الزواج من رجل مزواج مسحوق.. والشريعة لا تسمح إلا بأربعة. وفي حالة العوز وعدم العدل بينهم فواحدة.
ط. الخيال : كنت ضحيته الوحيدة.. كأنك يا سدي القاضي كنت معنا في البيت.
ميمون القراد : انا في كل البيوت.. إلا بيوت هؤلاء الزنادقة (تبكي).. إرحمي عينيك الكميلتين .. (صمت) ما اسم زوجك المدعى عليه ؟
ط . الخيال : شمس الدين ابن عبد الله ابن دنيال الموصلي الخراعي.
م . القراد : أعرفه جيدا .. مثل هؤلاء يا امرأة لا يمكن أن تغفل عنهم عين السلطة.. ملفاتهم سوداء كالقطران يفضحون الناس.. وينتهكون حرمة الصالحين منهم>> [39].
4- الخصوصية الدرامية للشخصية المسرحية
إذا كانت الشخصية المسرحية في النص الدرامي "البحث عن رجل يحمل عينين فقط" تراثية ومستحضرة من التاريخ، فإنها في تصور المسرح الثالث مجموعة من القيم التي تنتمي زمنيا إلى الماضي ؛ لكنها حية في الحاضر من خلال الذاكرة والتصورات الذهنية. بحيث يمكن استعارتها وتشخيصها على أساس أنها تنتسب إلى كل الأزمنة بحكم انها ذات صفة لا زمانية ولا مكانية.
وهذه الرؤية الحداثية للواقع والرموز التاريخية، تجعل التاريخ ماثلا ليس باعتباره تاريخا ؛ ولكن باعتباره واقعة / وقائع قابلة للاستثمار الرؤيوي والإيديولوجي بشكل تخدم الواقع المعيش أكثر مما تخدم الماضي.
إن الشخصية المسرحية في تصور المسرح الثالث، عبارة عن مجموعة من القيم الفكرية والأخلاقية والفنية تنتمي زمنيا إلى الماضي ؛ لمنها ماثلة في الحاضر من خلال المظاهر والتقاليد لا زمانية ولا مكانية.
وهذه الرؤية الحداثية تقدم التاريخ ورموزه على أساس أنه مادة خام قابلة للتأويل الإيديولوجي- والسياسي، وللإستثمار الرؤيوي – الفلسفي على ضوء مقتضيات اللحظة التاريخية الراهنة، ومستلزمات الواقع الاجتماعي. وهذا التعامل مع وقائع الماضي يخدم التاريخ والتراث بمقار ما يخدم الإنسان بعلاقته بحاضره وتطلعاته المستقبلية.
وتتضح معالم هذا التعامل الحداثي مع المادة التاريخية في الشخصية المسرحية بصفة خاصة. وعلى الرغم من طابعها التراثي وهويتها الماضوية، إلا أن قدرتها على تجسيد الواقع المغربي / العربي / الإسلامي في راهنيته تبدو ملفتة ؛ وكأنها تنتمي فعلا إلى لحظتها التاريخية. وقد ساعد في ذلك،نمطيتها في تعاملها مع بعضها، وفي تصوراتها لمشاكلها المطروحة (الأحداث المسرحية).
ومن الواضح أن لهذه الشخصيات المسرحية مرجعيتها REFERENCE الخاصة التي أنتجها النص الدرامي / الإبداعي (الدال). وهي مرجعية استمدت خطابها المتمثل في الواقع الفني/ الركحي/ (المدلول) من معطيات ومجريات الواقع المادي / المعيش (الدلالة).
لذلك قدمت هذه الشخصيات نفسها مكشوفة منذ البداية ؛ إذ لم يكن لديها ما تخفيه. وهو ما اثر على الحبكة المسرحية التي بدأت مأزومة منذ البداية، لم يحتج معها المؤلف المسكيني الصغير إلى مونولوجات او استبطان ذاتي للشخصيات.
وعلى الرغم من كون ابن دنيال يمثل الشخصية المحورية، باعتباره المؤلف / المبدع / المخايل ؛ إلا أنه في واقع الأمر لم يؤلف ولم يبدع حدثا معينا لأن الواقع كان أكبر من الشخصيات المسرحية.
وتنفرد الشخصيات في نص " البحث عن رجل يحمل عينين فقط" بكونها تنتمي إلى عالمين منفصلين تماما :
- عالم آدمي ينتمي إلى عالم البشر : ابن دنيال / هولاكو / ميمون القراد / طغر لبك / كبير التجار / الضابط الغربي / الجارية / الكهان / الجنديان / الحارس.
- عالم لا آدمي ينتمي إلى عالم الصندوق (صندوق الدنيا) : طيف الخيال / الكراكيز. وهي من صنع الشخوص الآدمية.
- ولعل المؤلف الحقيقي أراد أن يؤكد ان عالم المسرح الركحي أكثر رحابة من عالم الواقع المادي. فهو يتسع الشخصيات الخيالية والواقعية على السواء ؛ في حين لا يستوعب إلا الواقع الملموس. وفي ذلك إصرار على التمييز بين عالمين لا يمكن أن يلتقيان : عالم المسرح وعالم الواقع.
- أ- ابن دنيال : شخصية تاريخية، حاضرة في الزمن العربي وفاعلة فيه، ومحركة للأحداث لأنها المؤلف /المخايل. فهو يصنع الحدث ويخلق شخصياته اللاآدمية (الكراكيز). وبالإضافة إلى ذلك، فهو مشخص لأدوار معينة تتميز بأنها "مسؤولة، أي أنه يرفض تشخيص الأدوار التي يعتبرها تهريجا :
<< ابن دنيال : إبحثوا عن مخايل رومي من الشرق أو من الغرب. هذه الأرض لا تقبل لغتي.
ط. الخيال : وتنسى انك الحكيم تكحل عيون الناس.. تبعد عنهم ظلام الغربة والصمت والعدوى.
ابن دنيال : سئمت مهنة الحكيم العارف، وفعل الحكال. كل العيون مرمدة .. لا ترى خارج أشفارها غير السراب.. عيون المساحيق .. وتنسى أنها تحمل وجها ممسوخا>>[40].
وفي حالة ثانية، فالكراكيز تتمرد على خالقها المؤلف / المخايل، وتطرده من خشبة المسرح :
<< ابن دنيال : الواقع أكبر من الخيال.. هذا وجه الحاضر.. أطياف رومية بدأت تغزو مدن الخلافة.
ط. الخيال : لماذا أقاموا يا معلمنا حدودا رادعة .. وطردوك من المسرح..
حرموك من جمهورك ؟ (صمت) سأشارك في التمثيل .. هذا مشهد
مفتوح. أنا صاحب هذا الغازي.
ابن دنيال : الواقع أكبر من الخيال >>[41].
ب- طيف الخيال : شخصية بلا ملامح محددة لها. فهو كركوز رئيسي اكتفى على مدى كل أحداث المسرحية بدور الراوي لمجموع الحكايات التي تمثل مشاهد النص الدرامي. وإضافة إلى ذلك، كان يشخص مرة بعض الأدوار من أجل الدفع بتطور الأحداث، ومرة أخرى تحريكها عند الضرورة :
- التشخيص :" ط . الخيال : (يتقدم ليشخص وزير هولاكو وحاجبه.. ضربات قرص النحاس تأذن بدخول كبير التجار وضابط عربي).. نحن في خدمتك يا مولاي >>[42].
- تحريك الفعل المسرحي : " ط . الخيال :لنبدأ الموضوع يا حكيمنا :
افتح الستارة>>[43].
<<. ط. الخيال : .. أيها الناس .. أبلغوا الأطفال.. أطفال المدن المحترقة، أطفال المدن المسجونة، أطفالكم أطفال الغد.. هذه صور الحقيقة المتحركة خلف الستارة...>>[44].
** البيان الوحيد الذي أصدره المسكيني الصغير منشور في مجلة المدينة المغربية، العدد : 6 ، 1981.
[1] - المسكيني الصغير : " حول مفهوم المسرح الثالث"، مجلة المدينة، الدار البيضاء، العدد :6، 1981، ص : 80.
[2] - المرجع السابق : ص : 80.
[3] - المرجع السابق : ص : 80.
[4] - المرجع السابق : ص : 80
[5] - المرجع السابق : ص : 80.
[6] - سعد الله عبد المجيد :" المسرح الثالث بين الشكل والمضمون"، دراسة في تأسيس المسرح طلائعي، م.س، ص : 85.
[7] - JERZY GROTOWSKI : « VERS UN TEATRE PAUVRE », L’AGE D’HOMME , LUSANNE – 1971- P : 7
[8] - سعد الله عبد المجيد :" المسرح الثالث بين الشكل والمضمون"، دراسة في تأسيس مسرح طلائعي، م.س،ص :86
[9] - JERZY GROTOWSKI : « VERS UN TEATRE PAUVRE », p : 18.
[10] - JERZY GROTOWSKI : « VERS UN TEATRE PAUVRE », p : 20.
[11] - سعد الله عبد المجيد :" المسرح الثالث بين الشكل والمضمون"، دراسة في تأسيس مسرح طلائعي، م.س، ص :91.
[12] - المرجع السابق : ص : 91.
[13] - لاندو :" تاريخ المسرح العربي"، ترجمة يوسف نور عوض"، دار العلم – بيروت ،بدون طبعة أو تاريخ الإصدار، ص :27.
[14] - المرجع السابق : ص : 19.
[15] - المرجع لسابق : ص : 30.
[16] - المسكيني الصغير :" البحث عن رجل يحمل عينين فقط"، الدار البيضاء، المغرب / منشورات مركز المسرح الثالث للأبحاث والدراسات الدرامية،ص :76..
[17] - المرجع السابق : م.س، ص :14.
[18] - المرجع السابق : ص : 15.
[19] - المرجع السابق : ص : 20.
[20] - المرجع السابق : ص : 21.
[21] - المرجع السابق : ص : 22.
[22] - المرجع السابق : ص : 24.
[23] - عبد الحق الزروالي :" زكروم الأدب"، م.س،ص : 22-23.
[24] - المرجع السابق : ص : 35.
[25] - المرجع السابق : ص : 35.
[26] - المرجع السابق : ص : 40.
[27] - المرجع السابق : ص : 41.
[28] - المرجع السابق : ص : 46.
[29] - المرجع السابق : ص : 51 .
[30] - المرجع السابق : ص : 57.
[31] - المرجع السابق : ص : 59.
[32] - المرجع السابق : ص : 59.
[33] - المرجع السابق : ص : 60.
[34] - المرجع السابق : ص : 69.
[35] - المرجع السابق : ص : 75.
[36] - المرجع السابق : ص : 75.
[37] - المرجع السابق : ص : 76.
[38] - المرجع السابق : ص : 60.
[39] - المرجع السابق : ص 29-30-31.
[40] - المرجع السابق : ص : 15.
[41] - المرجع السابق : ص : 22.
[42] - المرجع السابق : ص : 23.
[43] - المرجع السابق : ص : 51.
[44] - المرجع السابق : ص : 76.